فقه الزواج في الإسلام
ما هي حقوق الخطيب الشرعية؟ وكيف أتعامل مع خطيبي بدون ظلم له، وبدون أن أغضب الله؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخطبة في عرف بعض الناس تطلق على العقد الشرعي مع عدم الدخول بالزوجة، فإن كان هذا ما حصل معك: فإنك بهذا العقد زوجة لهذا الرجل، يحل له منك ما يحل للزوج من زوجته، إلا أنه ينبغي أن يراعى ما يكون من شرط أو عرف في تأخير الدخول، وطاعتك قبل الزفاف لوليك وليس لزوجك، حتى يدخل بك زوجك، فتكون الطاعة له،
وتطلق الخطبة في عرف الشرع على مجرد التماس التزويج، وتكون المرأة بها مجرد مخطوبة وليست زوجة. وفي هذه الحالة ليس لخاطبك حقوق شرعية خاصة عليك، بل هو كغيره من الأجانب حتى يعقد لك عليه العقد الشرعي، وعلى هذا الأساس يكون تعاملك معه، فلا تكون بينكما خلوة، أو خروج في نزهة أو غيرها، كما يفعل كثير من الناس.
قال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: المخطوبة أجنبية من الخاطب، لا فرق بينها وبين من لم تكن خطيبة؛ حتى يعقد عليها. وعلى هذا؛ فلا يجوز للخاطب أن يتحدث مع المخطوبة، أو أن يتصل بها، إلا بالقدر الذي أباحه الشرع.
والذي أباحه الشرع هو: أنه إذا عزم على خطبة امرأة، فإنه ينظر إليها .. ولكن بدون أن يتحدث معها، اللهم إلا بقدر الضرورة، كما لو كان عند النظر إليها بحضور وليها يتحدث معها مثلا بقدر الضرورة، مثل أن يقول مثلا: هل تشترطين كذا، أو تشترطين كذا؟ وما أشبه ذلك.
أما محادثتها في الهاتف -حتى إن بعضهم ليحدثها الساعة، والساعتين-، فإن هذا حرام، ولا يحل.
يقول بعض الخاطبين: إنني أحدثها من أجل أن أفهم عن حالها، وأفهمها عن حالي، فيقال: ما دمت قد أقدمت على الخطبة، فإنك لم تقدم إلا وقد عرفت الشيء الكثير من حالها، ولم تقبل هي إلا وقد عرفت الشيء الكثير عن حالك، فلا حاجة إلى المكالمة بالهاتف، والغالب أن المكالمة بالهاتف للخطيبة، لا تخلو من شهوة، أو تمتع بشهوة، يعني شهوة جنسية، أو تمتع، يعني تلذذ بمخاطبتها، أو مكالمتها وهي لا تحل له الآن، حتى يتمتع بمخاطبتها، أو يتلذذ.
الزواج في الإسلام
الزواج في الإسلام يحث الإسلام على الزواج وينهى عن التبتل، يقال: (تَبَتَّلَ عن الزواج: تركه زُهدًا فيه)، والزواج من سنن الأنبياء والمرسلين فيقول الله في القران ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ٣٨﴾ الرعد: 38
والزواج آية من آيات الله في الكون لقوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ٢١﴾[1]
أسس الاختيار
يعتبر الاختيار قبل الزواج عاملا مهماً لبناء الأسرة، وهناك عدة صفات يتم عليها الاختيار، وقد أخبر النبي ﷺ ، عن ذلك بقوله: تُنكَحُ المرأةُ لأربَعٍ: لمالِها ولحَسَبِها وجَمالِها ولدينها، فاظفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَداكَ [2]، ومعنى (ذات الدين) أي: الملتزمة بتعاليم الدين، بالمحافظة على العبادة، واجتناب ما نهى الله عنه، وهو أفضل ما ينبغي توفره في الزوجين، ملتزما بشرائع الإسلام في حياته فلا يظلم زوجته، فإن أحبّها أكرمها وإن لم يحبها لم يظلمها ولم يُهنها. ويستحب أن يكون من عائلة طيبة، ونسب معروف، فإذا تقدم للمرأة رجلان درجتهما في الدين واحدة، فيُقدَّم صاحب الأسرة الطيبة والعائلة المعروفة بالمحافظة على أمر الله تبارك وتعالى ما دام الآخر لا يفضله في الدين لأنّ صلاح أقارب الزوج يسري إلى أولاده ويستحب أيضا أن يكون هناك قبول في المظهر لقول النبي محمد ﷺ : (خير النساء من إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا أقسمت عليها أبرتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك){أخرج النسائي}. ويستحب الزواج لمن لديه قدرة عليه أن يكون ذا مال يُعفّ به نفسه وأهل بيته، لقول النبي محمد ﷺ يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ...» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
شروط صحة الزواج
هي الشروط التي تتوقف عليها صحته، بحيث إذا وجدت يعتبر الزاوج شرعيا وهذه الشروط هي : -
-
حل للرجل التزوج بالمرأة التي يريد الاقتران بها، فلا تكون محرمة عليه بأي سبب من أسباب التحريم المؤقت أو المؤبد.
-
الإيجاب والقبول
-
والاشهاد على الزواج من شاهدين.
-
وموافقة الولي للقاصر فقط أما الأيم؛ فلا بد من موافقتها وإذنها لوليها لقوله ﷺ في الحديث الشريف: <<«الأيم أحق بنفسها من وليها» رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك في الموطأ. والأيم من لا زوج لها بكرا أو لا، فإنه ليس للولي إلا مباشرة العقد إذا رضيت، وقد جعلها أحق منه به. وفي مصر يأخذ بالمذهب الحنفي في قانون الأحوال الشخصية منذ قيام الدولة العثمانية إلى الآن. بجانب مصر هناك دول إسلامية أخرى تتبع المذهب الحنفي في أمور المعاملات التي منها الأحوال الشخصية وتشمل الميراث والزواج والطلاق...
المحرمات من النساء على الرجل
والمحرمات من النساء حددهنَّ القرآن الكريم بشكل مفصل ومحكم تباعا من الأصول إلى الفروع في الآيتين ال 22 و23 من سورة النساء: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا ٢٢ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ٢٣﴾
فوائد الزواج
-
الذي يريد الزواج يجد العون من الله، فقد قال رسول الله ﷺ: «ثلاثةٌ حقٌ على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمُكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف».
-
الزواج هو السبيل المشروع لإشباع الغريزة الجنسية بصورة يرضاها الله ورسوله، قال ﷺ: «حُبِّب إليَّ من دنياكم: النساء والطيب، وجُعلتْ قرَّة عيني في الصلاة».
-
طريق لكسب الحسنات. قال ﷺ: «وفي بُضْع أحدكم صدقة. قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته، ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم، لو وضعها في حرام، أكان عليه وِزْر؟. قالوا: بلى. قال: فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر»
-
وسيلة لاستمرار الحياة، وتعمير الأرض، فالأبناء الصالحون امتداد لعمل الزوجين بعد وفاتهما، قال ﷺ: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنْتفَع به، أو ولد صالح يدعو له»
-
سبيل للتعاون، فالزوجة تكفي زوجها تدبير أمور المنزل، وتهيئة أسباب المعيشة، والزوج يكفيها أعباء الكسب، وتدبير شؤون الحياة
-
تقوية الصلات والمعارف من خلال المصاهرة، واتساع دائرة الأقارب، فلما غزا النبي محمد بني المصطلق في غزوة المريسيع، وأسر منهم خلقًا كثيرًا، تزوج السيدة جويرية بنت الحارث (رضي الله عنها) وكانت من بين الأسرى فأطلق الصحابة ما كان بأيديهم من الأسرى؛ إكرامًا للرسول وأصهاره، فكان زواجها أعظم بركة على قومها..
آثار عقد الزواج
الزواج الذي استوفي أركانه وشرائطه تترتب عليه آثار شرعية هي
-
استمتاع كل من الزوجين بالآخر على النحو المأذون فيه شرعا ما لم يمنع منه مانع كالحيض أو النفاس مثلا.
-
وجوب المهر المسمى في العقد فتستحقه الزوجة
-
وجوب النفقة بعناصرها وهي الطعام والسكن والكسوة
-
ثبوت حرمة المصاهرة، بمعنى أن تحرم الزوجة على أصول الزوج وفروعه وأن يحرم الزوج على أصول الزوجة وفروعها ولكن تثبت الحرمة في بعض الحالات بنفس العقد كما هو الحال في أصول الزوجة مثلا فالعقد على البنات يحرم الأمهات
-
ثبوت نسب الأولاد من هذا الزواج
-
ثبوت حق الإرث بين الزوجين ما لم يمنع من ذلك مانع.
-
وجوب العدل بين الزوجات في حقوقهن عند التعدد أي التسوية بينهن في الحقوق كالقسم في البيات والنفقة بعناصرها المختلفة، وأما الحب والميل القلبي فهذا أمر لا يملكه قالت عائشة: "كان رسول الله ﷺيقسم فيعدل ويقول: هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك" [بحاجة لمصدر] قال الترمذي يعني به الحب والمودة.
-
وجوب طاعة الزوجة لزوجها إذا دعاها إلى الفراش، لقول الله في القرآن الكريم: «ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة» قال ابن العربي: معناه وجوب الطاعة وهو حق عام، فتقدم طاعته على طاعة الله في النوافل فلا تصوم إلا بإذنه ولا تحج إلا معه... عن النبي ﷺ أنه قال: ((استوصوا بالنساء خيرا))رواه الشيخان، وإذا كان ذلك من حقوق الزوجة على الزوج فله عليها أيضا أن تحسن معاشرته بالمعروف.
الزواج سنة لها ضوابطها وآدابها
التَّزاوج سنةٌ معتادة، بها تستمر الحياة في هذا الكون الذي يريد الله عُمرانَه، فضلاً عن الزَّواج في ديننا الحنيف، وهو أمرُ نبينا الكريم - عليه الصلاة والسلام - الشَّبابَ بالزَّواج، وحضَّهم عليه حيث قال: ((يا معشر الشَّباب، من استطاع منكم الباءة فلْيتزوَّجْ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وِجاء))، وأخبر الرسول - عليه الصلاة والسلام - أنَّ الإقدام على الزواج ضمانٌ لنصف الدين؛ حيث قال - عليه الصلاة والسلام-: ((من تزوَّج فقد كَمُلَ نِصْفُ دينِه، فليتَّق الله في النصف الآخَر)).
ونصف الدِّين الذي يتحقق لكلٍّ من الزوجين بمجرد ارتباطهما بعقد الزوجية والتزامهما بمقتضيات هذا العقد - يتمثَّل في تلك الاستقامة السلوكية والأخلاقية؛ بحيث يصبح كلٌّ من طَرَفَي الزواج مكمِّلاً للآخَر، مستجيبًا في إطار الشَّرع لرغبات الآخر، قريبًا من الآخر، وسِتْرًا للآخر، وأشبه ما يكون بالرِّداء الذي يقي الجسدَ القَرَّ والحَرَّ، وما أروعَ التعبير القرآني عن كلِّ هذه المعاني بقوله - جل من قائل -: ﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾ [البقرة : 187]! وفي اللباس معانٍ مجازية رائعة، منها ما ذكرناه آنفًا، ومنها غير ذلك مما تعجز عقولُنا وأفهامنا المحدودة عن الإحاطة به؛ باعتبار النص القرآني بلسانه العربي المبين مُعْجِزًا لا تنقضي عجائبُه، وهو سيظل بكرًا إلى يوم القيامة.
كما أنَّ الزواج في ديننا الإسلامي الحنيف هو سنةُ نبينا محمد - عليه الصلاة والسلام - ونحن طلاب هذا الهدي الذين ينشدون ترسُّمَه واتباعَه؛ لنفوز بالسعادة في الدنيا، ورضوان الله في الآخرة؛ ولهذا كان جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأولئك الثلاثة من أصحابه الذين قرَّرُوا صنوفًا من التبتُّلِ والتزهُّد والترهُّب، ليست من هدي الإسلام ولا من تيسيرِه وسماحته، قال لهم: ((ولكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقُد، وأتزوَّج النِّساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني))؛ أي: من اختار طريقةً في العيش والسلوك والتعبد والتقرب إلى الله غيرَ هذه الطريقة - التي تعطي لكلِّ ذي حق حقَّه - فلستُ منه وليس مني، وفي هذا الردُّ الصريح الحاسم على كل أدعياء القَداسة والرَّهبانية المكذوبة والمُصطنعة، فالإيمان في الإسلام ليس هو بالتمنِّي ولا بالتحلِّي، والرَّهبانية في الإسلام محرمةٌ، والمسلم الحقُّ هو من يعطي ربَّه حقَّه، ويعطي أهلَه حقهم، ومجتمعَه حقه، ويعطي نفسَه حقها، دون أنْ يطغى أحدُ هذه الحقوق على الآخر، وقد وهب اللهُ - سبحانه وتعالى - الإنسانَ من الطاقات والقُدُرات (البدنية والزمنية والنفسية) ما يستطيع بها أن يستجيبَ لكلِّ ما فيه من رغباتٍ وحاجاتٍ ومطالبَ مشروعة، دون أن يكون ذلك على حساب مرضاة الله وطاعته.
وعظمةُ الإسلام، وجمال هدي سيد الأنام - عليه الصلاة والسلام - إنما تظهرُ بجلاء ووضوح في هذه الواقعية التي تميَّزتْ بها تعاليمُ الإسلام.
الذرية الصالحة:
ولا شكَّ أنَّ الزواج محقِّقٌ للاستجابة لكثير من المطالب الملحة في ذات الكائن البشري، وهي مطالبُ نفسية ومعنوية، وجسدية غريزية، واجتماعية تكاملية، فضلاً عن أبعادها المستقبلية؛ إذ بالزواج يقع التناسل والتوالُد، والأولاد زينةُ الحياة الدنيا التي ينبغي ألا تصل إلى حدِّ الفتنة، وما دون الفتنة مشروعٌ، بل يمكن أنْ يكون الأولاد المنشَّؤون تنشئةً صالحة سببًا لمزيدٍ من الأجر والثواب، حتى بعد الرَّحيل عن هذا العالَم؛ فقد قال - عليه الصلاة والسلام -: ((إذا مات ابنُ آدم، انقطع عملُه إلا من ثلاث: صدقةٍ جارية، أو علمٍ يُنتفعُ به، أو ولدٍ صالح يدعو له))، يدعو له بلسانه، والدعاء بظهر الغَّيْب مستجاب، ودعاء الأبناء لآبائهم وأمهاتهم مندوب، بل واجبٌ، وقد وردتْ في القرآن الكريم صيغ عديدة للدعاء لمن سبقونا بالإيمان من آبائنا وأمهاتنا وعموم إخوتنا في الإيمان، ولكنَّ الأبلغَ والأكثر قبولاً والأضمنَ لذلك هو الدعاءُ الصالح للآباء والأمهات بعد رحيلهم عن هذا العالَم من طرف الأبناء والبنات، وإنما يكون بكل عملٍ صالح ينفعون به الناس، فعندما يفرِّج الأبناء والبنات كروبَ المكروبين، وعندما يعينون من يحتاج إلى إعانة، وعندما يرْحمون من هو محتاج إلى الرحمة، وعندما يُسْدون أيَّ خدمة فيها الخير والنفع للغير، فإنما يلحقون بهذا الصنيع الأجرَ والثواب لأولئك الآباء والأمهات، الذين أصبحوا ترابًا في قبورهم، والذين هم في أشد الحاجة إلى من يُقدِّم لهم عملاً يخفف عنهم مما بهم من كروبٍ لا يعلمُها إلا اللهُ.
توفر المال والجمال والنسب مع غياب
الدين والأخلاق يؤدي إلى فشل الزواج
والأمور في الإسلام بمقاصدها وغاياتِها وما يترتب عليها؛ ولهذا قال - عليه الصلاة والسلام -: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى))، فإذا كان أمر الزواج والإنجاب هو بنيَّة الحصول على مرضاة الله - سبحانه وتعالى - أولاً وقبل كلِّ شيء، ثم بنية الاستجابة في الإطار المشروع إلى ما تتطلبُه نفسُ الإنسان، فإنَّ الله - سبحانه وتعالى - في دين الإسلام، وفي هدي سيد الأنام محمد بن عبدالله - عليه الصلاة والسلام - يحقِّقُ للمسلم كلَّ ما يصبو إليه في الدنيا والآخرة، وكثيرًا ما رأينا ملامح السعادة والرَّاحة النفسية والطمأنينة والأمل تعلو ملامح أفرادِ كثيرٍ من الأُسر والعائلات المتواضعة في إمكاناتِها المادية، ولكنها المليئةُ بالإيمان الصَّحيح الراسخ، المتشبعةُ بكلِّ المعاني التي ذكرناها، في حين رأينا ولمسنا وعِشنا حالاتٍ من التمزق والانقسام والاختلاف والشَّقاء والبؤس في أُسَرٍ وعائلات ذواتِ إمكاناتٍ وطاقات مادية لا يُعرف لها حدٌّ، ومع ذلك فإنها لم تَذُقْ طعمَ الحب والود والوِئام والوَفاء؛ وما ذلك إلا لأنَّ بُنيانها لم يكن منذ البداية على قواعد سليمة قويمة.
الزواج الناجح:
ومن واقعية الإسلام ومن واقعية هدي سيد الأنام - عليه الصلاة والسلام - أنَّ السعادةَ إما أن تكون شاملةً أو لا تكون، فاجتماع المال والجمال والنسب، وغياب الدِّين والأخلاق مؤدٍّ إلى فشل مشروع الزواج - لا محالة - لأنَّ المال يزول، والجمال يزول، والنَّسبَ نعمةٌ ونقمة "سلاح ذو حدين"، أمَّا الذي يعطي طعمًا وقيمة إضافية باقية دائمة: إنما هو الأخلاق والدين؛ ولهذا قال - عليه الصلاة والسلام -: ((تُنكح المرأةُ لمالها ولجمالها ولنسبها ولدينها، فاظفرْ بذات الدين تَرِبَتْ يداك))، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((إذا جاءكم من تَرْضَوْن دينَه وأمانته، فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكن فتنةٌ وفساد كبير))، واعتبرَ الإسلامُ مِن يُمْنِ المرأة يُسر مهرها وبساطته، وقد حذَّر الإسلام الآباء والأمهات من مغبَّة متابعة الهوى والشهوة، والتسبب بالتعنت وحب المباهاة والتظاهر والتكاثر في شقاء بناتهم وعَضْلهن.
ورسم الإسلامُ للزوجين سبيلاً لتحقيق السعادة العاجلة والآجلة، يتمثل في وَضْعِ سُلَّمٍ للقيم والتفاضل رفيعِ المستوى، في مُستطاع من يطلبُه ويسعى في تحصيله يعينه الله عليه ويوفقه إليه، ففي خصوص الزوجة بشَّرها الله بما لم يبشرْ به أحدًا غيرها حين قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ المرأة إذا صلَّتْ خَمْسَها، وصامتْ شهرَها، وحفظتْ نفسَها، وأطاعتْ زوجَها دخلت الجنة من أيِّ الأبواب شاءت))، كما قال - عليه الصلاة والسلام - مبينًا مواصفاتِ الزوجة الصالحة أنها هي التي: ((إذا نظر إليها زوجُها سرتْه، وإذا أمرها أطاعتْه، وإذا غاب عنها حفظتْه في ماله ونفسها)).
حقوق الزوجين:
ولقد طالب الإسلامُ الزوجَ بما طالب به الزوجةَ وأكثر، باعتبار مسؤولياته، وباعتبار إمكانياته، وباعتبار ما يترتب على اختياراته وتصرفاته من إيجابٍ وسلب.
فكلُّ المعاملات بين الزَّوْجين ينبغي أن تكون بمعروفٍ وإحسان، لا مجالَ فيها للغلظة والشدة والفظاظة؛ لأنَّ كلاًّ من الزوجين واجدٌ في الآخر ما يرضيه لا محالة، فلا ينسيه ما يكره كثيرًا ممَّا يرضى ويوطِّد العلاقة، ولا بُدَّ من تنمية وتقوية هذا الذي يُرضي بكلِّ وسيلة وأسلوب لا يغضب الله - سبحانه وتعالى - والعائدُ إلى سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجد مَعينًا لا ينضب من الهَدْي الكفيلِ بجعل الحياة الزوجية تَتَوطَّدُ يومًا بعد يوم، ولا تتوطَّدُ العلاقات إلا بالوُدِّ والبِشْرِ والصبر والرفق واللين، وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي يقول: ((خيرُكم خيرُكم لأهلِه، وأنا خيرُكم لأهلي))، ومن خَيْريتِه - عليه الصلاة والسلام - التي يراها البعض - غلطًا - بأنَّها لا تليق بقيمة الرَّجل: أنه - عليه الصلاة والسلام - كان يمازح زوجاتِه "ولا يقول إلا حقًّا"، ويُلاطفُهُنَّ ويؤاكلهنَّ ويسابقهنَّ، ويكون في البيت في إعانتهنَّ، فقد أخبر - عليه الصلاة والسلام - أنَّ الله يكتب الحسنةَ للمسلم باللقمة يضعُها في فمِ زوجتِه، وتقول كتبُ السِّيرة: إنَّه - عليه الصلاة والسلام - سابَق السيدةَ عائشةَ مرتين فسبقتْه وسبقَها، فقال لها: ((هذه بتلك))، وإنه - عليه الصلاة والسلام - كان يرقِّع ثوبَه، ويَخْصِفُ نعلَه، ويتناول حاجاتِه بنفسه، وإنَّه كان قرآنًا يمشي على الأرض، فما من خُلُقٍ رَضِيٍّ إلا وجسَّمَه، وما من خُلق رديءٍ إلا واجتنبه.
ولله دَرُّ عبدالله بن عباسٍ - رضي الله عنهما - الذي خرج يقطر ماءً وطيبًا وهو يقول معتذرًا عن سبب تأخُّرِه في الخروج لمن طرق باب بيتِه: "إنهن يُحْبِبْنَ أنْ نتزينَ لهنَّ، كما نحبُّ أن يتزيَّنَّ لنا"، فقد فهم - رضي الله عنه - وهو الذي فقَّهَه الله في الدِّين وعلَّمه التأويل أنَّ الحقوق تقابلها واجباتٌ لا بد من أدائها، وتلك هي تعادُلِيَّةُ الإسلام في أجلى وأجمل صورِها، تجعل من الاختلاف بين الزوجين قَلَّما يقع، وإذا وقع فكثيرًا ما يؤول إلى الصلح، والصلح دائمًا خيرٌ، وصدق الله العظيم إذ يقول: ﴿ إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ﴾ [النساء : 35].
صيانة الحق المشروع:
فدعواتُنا التي نوجهها إلى الأُسر والعائلات التي تقدم على تزويج أبنائها وبناتها هي أن تتوجَّه إلى هذا الهدي القويم؛ لتغترفَ من مَعِينه العذبِ الذي يروي كلَّ العِطاش، ودعوتُنا للأسر والعائلات وهي تبدي من مظاهرَ الفرحة والسرور والزينة ألا تسرفَ ولا تبذِّر، وألا تبالغَ ولا تغالي، فكلُّ مبالغة ومغالاة عواقبُها في النهاية وخيمة، وعلى هذه الأسر والعائلات ألا تنسيها الفرحةُ والسرور بالأبناء والبنات حدودَ الله وحقوقه - سبحانه وتعالى - فهو المنعم والمتكرِّم بالمال وبالبنين، هو المحاسِب في العاجل والآجل فيم وُجِّهَتْ إليه تلك النعمُ الإلهية، فإنه - سبحانه وتعالى - يغضب إذا انتُهِكَتْ حرماتُه، وإذا ما عُصِيَ بما أنعم به على عبادِه، وهو قادر إذا أراد أن يسلب في لحظة ما أنعم به وتكرَّم، وقادر على أن يجعل عاقبةَ ذلك نقمةً وعذابًا عاجلاً - لا قدَّر الله.
كما أنَّ الأسر والعائلات المقْدِمة على الأفراح والمسرات مدعوةٌ ألا تتسبب بالمبالغة والإسراف اللامحدود واللامسؤول في المصائب لسواها، ممن يعيشون حوالَيْها ذات اليمين وذات الشمال من الجيران، الذين فيهم الصغير (الرَّضيع)، وفيهم المريض المصاب، وفيهم المتعب المنهك، وفيهم المُقْدِمُ على الامتحانات وأشق الأعمال وأدقها، وأنى لهؤلاء جميعًا أن ينعموا بلحظات ولو قليلة من النوم والراحة؟ وحلقات الأعراس يشدُّ بعضُها بعضًا لتتواصل طيلة الشهر والشهرين والثلاثة، جاعلةً من أفراح البعض مآسيَ للأكثرين من سكَّان الشارع والحي الواحد.
ومما زاد الطِّين بِلَّةً هذه المصادحُ المتطورة جدًّا والقوية والبعيدة الصدى والإبلاغ، فضلاً عن شبابية وفتوَّة المطربين والمطربات، ومن يُحاكيهم من هواة التهريج والضجيج، لا نريد مما نقول أن نمنع أحدًا من الفرحة والسرور وإبداء ذلك وإعلانه، فليس من حقِّ أي كان ذلك، ففي دين محمد - عليه الصلاة والسلام - سعةٌ ومرح، ولكن الذي نريد أنْ نذكِّرَ به ونلح عليه هو صيانة الحق المشروع للغير من الأجوار في الأمن من بوائقنا وشرورنا، ما يُمكن أن يصدرَ عنا من منكرات القول والفعل تجاه أجوارنا، لقد أوصانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجار خيرًا، وألحَّ في ذلك وشدَّد، فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((لا يزال جبريلُ يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورِّثُه))، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((لا يؤمن بي من لا يأمن جارُه بوائقَه))، وأخبرنا - عليه الصلاة والسلام - أنَّ أربعين دارًا على اليمين جارٌ، وأنَّ أربعين دارًا على الشمال جارٌ، وهكذا يتشابك سكانُ الحي والقرية والمدينة بشبكة علاقة جوار واجبة الاحترام والاعتبار.
آيات قرآنية عن الأزواج في الجنة
وعد الله المؤمنين بالحور العين في جنته كما في الآيات التالية:
-
قال -تعالى-: (مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ).
-
قال-تعالى-: (كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ).
-
قال -تعالى-: (هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِى ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَآئِكِ مُتَّكِـئونَ).
-
قال -تعالى-: (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ).
آيات قرآنية في الحكمة من الزواج
الزواج والتكاثر آية من آيات الله في خلقه، وذكر منها القرآن الكريم ما يأتي:
-
قال -تعالى-: (وَمِنْ ءَايَاتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَجًا لِّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآياتٍۢ لِّقَوْم يَتَفَكَّرُونَ).
-
قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا).
-
قال -تعالى-: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ).
-
قال -تعالى-: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا).
-
قال -تعالى-: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا).
آيات قرآنية عن مشروعية الزواج والترغيب فيه :
شرع الله الزواج وحث عليه فهو ضرورة حياتية وحاجة فطرية وروحية وجسدية أودعها في خلقه، ومن الآيات التي تبيّن أهمية الزواج ذلك ما يأتي:
-
قال -تعالى-: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا).
-
قال -تعالى-: (وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).
-
قال-تعالى-: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ)
-
قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّٰتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا).[١٣] قال -تعالى-: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)
-
قال -تعالى-: (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى).
-
قال -تعالى-: (فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ).